يــوم القيامــة رأي العيــن المقدمة عن ابن عمر ( قال: قال رسول الله ( «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(، (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ(، (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ(» .. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. رب يسِّر وأعنْ.. الحمد لله وكفى، وسلامًا على من اصطفى، وبعد: فهذه رحلة قصيرة، لكنها مهيلة خطيرة، زادنا فيها الخوف من جبَّار السماوات والأرض، والرجاء في رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، ورحلنا فيها شهادة ألاَّ إله إلا الله محمد رسول الله، ودليلنا حديث المصطفى ( الذي أمامك.. فهيا يا حبيبي قم قبل أن يحلَّ الموعد .. قم بنا في هذه الرحلة القصيرة والجولة النفيسة التي ليس فيها أدنى مشقَّة لنتعرَّف سويًّا على أحوال ذلك اليوم الذي – من طوله – لا تشرق فيه الشمس ولا نراها عنه تغرب .. يوم طويل مهيل .. يوم سنُبعث فيه من جديد، ونُردُّ فيه إلى الله .. يوم التغابن؛ فالمحسن فيه يشعر بالغبن أنه لم يزدد من الخير والطاعة، والمسيء يشعر فيه بالغبن كذلك، لكنه غُبنٌ على غبن؛ لأنه لم يُحسن قط.. يوم الفصل والحساب والجزاء، اليوم الذي تكون فيه صنجات الميزان هي الذرَّة، قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(، يوم الزلزلة ويوم الرجفة ويوم الحشر و .. ويوم الشفاعة. ونعود سريعًا من هذه الرحلة وقد حملنا بين جوانحنا تلك الرغبة الأكيدة في التوبة الصادقة، في اتخاذ أسباب نجاتنا من تلك الأهوال المريعة والمخاطر المفزعة. نعود فنتزيَّن ليوم العرض الأكبر ويوم الحساب بحساب أنفسنا في الدنيا، وندعو المولى عزَّ وجل من خالص قلوبنا أن يُثبِّتنا على الدين، وأن يُحسن لنا العاقبة، وينقذنا من عذاب القبر وعذاب النار، وأن يتوفَّانا وهو راضٍ عنا. يصحبنا فيها ابن كثير رحمه الله في تفسيره، والقرطبي رحمه الله في أسماء يوم القيامة. فيا لها من رحلة سيجني منها صاحب القلب الرقيق فوائد جمَّة، فإذا بصره حديد، وقد انفكَّت عنه أحجبة الغفلة، وقلبه سليم وقد زال عنه الرِّين، ونفسه مطمئنة وقد هدأت إلى ذِكر الله وطاعته، ورُوحه مشرئبة إلى لقاء خالقها وبارئها، مشوقة إلى رؤية وجهه الكريم، والعيش الرغيد في جناته. هذه والله هي الغاية المرجوة، والله أسأل أن ينفع بها قارئها، وأن يُثبت عليها من كَتبها ونشرها، وأن يغفر لجامعها ولوالديه ولجميع المسلمين .. وصلى اللهم وبارك على صاحب الشفاعة وعلى آله وصحبه الطيِّبين الطاهرين. ( ( ( ?سورة التكوير (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ( [التكوير: 1-14]. التفسير: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ...( قال العلامة المفسر إسماعيل بن عمر المعروف بـ«ابن كثير الدمشقي» رحمه الله تعالى: عن ابن عباس: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ( يعني أظلمت، .. قال ابن جرير: والصواب من القول عندنا في ذلك: «التكوير» جمع الشيء بعضه على بعض، ومنه تكوير العمامة، وجمع الثياب بعضها إلى بعض، فمعنى قوله تعالى: (كُوِّرَتْ( جَمع بعضها إلى بعض ثم لُفَّت فرُمِي بها، وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوؤها. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ( يكوِّر الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر، ويبعث الله رِيحًا دَبورًا فتضرمها نارًا .. وكذا قال عامر الشعبي. وعن أبي يزيد بن أبي مريم عن أبيه أنَّ رسول الله ( قال في قوله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ( قال: «كُوِّرت في جهنم». قال البخاري عن أبي هريرة ( عن النبي (: «الشمس والقمر يكوران يوم القيامة». وقوله تعالى: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ( أي انتثرت، كما قال تعالى: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ( وأصل الانكدار الانصباب. وعن أبي بن كعب قال: ستُّ آيات قبل يوم القيامة: بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحركت واضطربت واختلطت ففزعت الجن إلى الإنس، والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحوش فماجوا بعضهم من بعض. وقال تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ( قال «اختلطت» (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ( قال: «أهملها أهلها» (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ( قال: قالت الجن: نحن نأتيكم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تتأجَّج، قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم .. رواه ابن جرير. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ( أي تغيَّرت. وقال يزيد بن أبي مريم عن النبي ( (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ( قال: «انكدرت في جهنم، وكل من عُبِد من دون الله فهو في جهنم، إلا ما كان من عيسى وأمِّه، ولو رضيا لدخلاها». وقوله تعالى: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( أي زالت عن أماكنها ونُسفت فتركت الأرض قاعًا صفصفًا، وقوله: (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ( المقصود أنَّ العشار من الإبل وهي خيارها والحوامل منها التي قد وصلت في حملها إلى الشهر العاشر – واحدتها «عشراء»، ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع – قد اشتغل الناس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها بعد ما كانوا أرغب شيء فيها بما وهمهم من الأمر العظيم المفزع الهائل، وهو أمر يوم القيامة وانعقاد أسبابها ووقوع مقدِّماتها. وقيل: بل يكون ذلك يوم القيامة، يراها أصحابها كذلك لا سبيل لهم إليها. وقوله تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ( أي جُمِعت كما قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ( [الأنعام: 38]. قال ابن عباس: حُشر كلُّ شيء حتى الذباب. وقال قتادة في تفسير هذه الآية: إنَّ هذه الخلائق موافية فيقضي الله فيها ما يشاء. وقوله تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ( عن سعيد بن المسيب قال: قال علي ( لرجل من اليهود: أين جهنم؟ قال: البحر، فقال: ما أراه إلا صادقًا (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ( [الطور: 6]. وقال ابن عباس وغير واحد: يُرسل الله عليها الرياح الدبور فتسعرها وتصير نارًا تأجج. وفي سُنن أبي داود: «لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز؛ فإنَّ تحت البحر نارًا وتحت النار بحراً». وقوله تعالى: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ( أي جمع كلّ شكلٍ إلى نظيره، كقوله تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ( [الصافات: 22]. عن النعمان بن بشير ( أنه قال: قال رسول الله (: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ( قال: «الضرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله»، وذلك بأنَّ الله عزَّ وجل يقول: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ( [الواقعة: 7-10]. قال: هم الضرباء. وعن النعمان أيضًا أنَّ عمر بن الخطاب ( خطب الناس فقرأ: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ( فقال: تزوُّجها أن يؤلَّف كلّ شيعة إلى شيعتهم. وقوله: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ( والموءودة هي التي كان أهل الجاهلية يدسُّونها في التراب كراهية البنات، فيوم القيامة تُسأل الموءودة على أيِّ ذنب قُتلت ليكون ذلك تهديدًا لقاتلها؛ فإنه إذا سُئل المظلوم فما ظنُّ الظالم إذن؟! وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ( أي سَألت، وكذا قال أبو الضحى: سَألت أي طالبت بدمها. وقوله تعالى: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( قال الضحاك: أُعطِيَ كلُّ إنسان صحيفته بيمينه أو بشماله. وقال قتادة: يا ابن آدم، تملي فيها ثم تطوى ثم تُنشر عليك يوم القيامة، فلينظر رجل ماذا يُملِي في صحيفته. وقوله تعالى: (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ( قال مجاهد: اجتذبت، وقال السدي: كشفت، وقال الضحاك: تنكشط فتذهب. وقوله تعالى: (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ( قال السدي: أُحميت، وقال قتادة: أوقدت، قال: وإنما يُسعِّرها غضب الله وخطايا بني آدم. وقوله تعالى: (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ( قال الضحاك وغير واحد: أي قربت إلى أهلها. وقوله تعالى: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ( هذا هو الجواب، أي إذا وقعت هذه الأمور حينئذ تعلم كلُّ نفس ما عملت وأُحضِر ذلك لها كما قال تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا( [آل عمران: 30]. وقال تعالى: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ( [القيامة: 13]. ( ( ( ?سورة الانشقاق (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا * فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ( [الانشقاق: 1-25]. يقول تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ( وذلك يوم القيامة. (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا( أي استمعت لربها، وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق وذلك يوم القيامة. (وَحُقَّتْ( أي وحق لها أن تطيع أمره؛ لأنه العظيم الذي لا يمانَع ولا يغالَب، بل قد قهر كل شيء وذل له كل شيء. ثم قال: (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ( أي بُسِطت وفُرشت ووسعت. عن علي بن الحسين أنَّ النبي ( قال: «إذا كان يوم القيامة مدَّ الله الأرض مدَّ الأديم حتى لا يكون لبشرٍ من الناس إلا موضع قدميه، فأكون أول من يُدعى وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه قبلها، فأقول: يا رب إنَّ هذا أخبرني أنك أرسلته إليّ، فيقول الله عز وجل: صدق، ثم أشفع فأقول: يا رب، عبادك عبدوك في أطراف الأرض، قال: «وهو المقام المحمود». وقوله تعالى: (وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ( أي ألقت ما في بطنها من الأموات وتخلَّت منهم. وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا( أي أنك ساع إلى ربِّك سعيًا وعامل عملاً (فَمُلَاقِيهِ( ثم إنك ستلقى ما عملت من خيرٍ أو شر. عن جابر ( قال: قال رسول الله (: «قال جبريل: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مُلاقيه». ومن الناس من يُعيد الضمير على قوله (رَبِّكَ( أي «فملاق ربّك»، ومعناه: فيجازيك بعملك، ويكافئك على سعيك، وعلى هذا فكلا القولين متلازم. وقال قتادة في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا(: إنَّ كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوة إلا بالله. ثم قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا( أي سهلاً بلا تعسير أي لا يحقق عليه جميع دقائق أعماله، فإنَّ من حُوسب كذلك هلك لا محالة. وقال الإمام أحمد: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (: «من نوقش الحساب عُذِّب» قالت: فقلت: أفليس قال الله تعالى: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(؟ قال: «ذاك العرض إنه من نوقش الحساب عذب» وقال بيده على أصبعه كأنه ينكت بها. وعنها أيضًا رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ( يقول في بعض صلاته: «اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا» فلما انصرف قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: «أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك» صحيح على شرط مسلم. قوله تعالى: (وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا( أي ويرجع إلى أهله في الجنة، قال قتادة والضحاك: «مسرورًا» أي فرحًا مغتبطًا بما أعطاه الله عزَّ وجل. وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله (: أنه قال: «إنكم تعملون أعمالاً لا تُعرف، ويوشك الغائب أن يثوب إلى أهله فمسرورٌ أو مكظوم». وقوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ( أي بشماله من وراء ظهره، تثنى يده إلى ورائه ويعطى كتابه بها كذلك. (فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا( أي خسارًا وهلاكًا. (وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا( أي فَرِحًا لا يفكر في العواقب ولا يخاف مِما أمامه، فأعقبه ذلك الفرح اليسير والحزن الطويل. (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ( أي كان يعتقد أنه لا يرجع إلى الله ولا يعيده بعد موته. قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما، والحَور: الرجوع. قال الله تعالى: (بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا( يعني بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله خيرها وشرها فإنه كان به بصيرًا: أي عليمًا خبيرًا. ( ( ( ?سورة الانفطار (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ( [الانفطار: 1-19]. قال تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ( أي انشقت، كما قال تعالى: (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ( [المزمل: 18]. (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ( أي تساقطت. (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ(: فجَّر بعضها من بعض. وقال الحسن: فجَّر بعضها في بعض فذهب ماؤها، وقال قتادة: اختلط عذبها بمالحها. (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ( قال السدي: تبعثر تَحرَّك فيخرج من فيها. (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ( أي إذا كان هذا، حصل هذا. وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ( هذا تهديدٌ لا كما يتوهَّمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب، حيث قال: الكريم حتى يقول قائلهم: غرَّه كرمه، بل المعنى في هذه الآية: ما غرَّك يا ابن آدم بربِّك الكريم - أي العظيم - حتى أقدمت على معصيته وقابلته بما لا يليق؟.. كما جاء في الحديث: «يقول الله تعالى يوم القيامة: يا بن آدم، ما غرَّك بي؟ يا ابن آدم، ماذا أجبتَ المرسلين؟». قال الفضيل بن عياض: لو قال لي «ما غرَّك بي؟» لقلت: سُتورك المرخاة. وقال أبو بكر الوراق: لو قال لي «ما غرَّك بربِّك الكريم؟» لقلت: غرَّني كرم الكريم. وقد حكى البغوي عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا: نزلت هذه الآية في الأسود بن شريق، ضرب النبي ( ولم يعاقب في الحالة الراهنة، فأنزل الله تعالى: (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ(. وقوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ( أي ما غرَّك بالربِّ الكريم (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ( أي جعلك مستقيمًا معتدل القامة منتصبها في أحسن الهيئات والأشكال. وروى الإمام أحمد بن بشر بن جحاش القرشي أنَّ رسول الله ( بصق يومًا في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال: «قال الله عز وجل: يا ابن آدم، أنَّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدَّق، وأنَّى أوان الصدقة». وقوله تعالى: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ( قال مجاهد: في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم، وقد قال عكرمة: إن شاء في صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير. وقال قتادة: قادر والله ربنا على ذلك. ومعنى هذا القول عند هؤلاء: إنَّ الله عز وجل قادر على خلق النطفة على شكلٍ قبيحٍ من الحيوانات المنكَرة الخلق، ولكن بقُدرته ولُطفه وحِلمه يخلقه على شكلٍ حَسنٍ مستقيمٍ معتدلٍ تام حسن المنظر والهيئة. وقوله تعالى: (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ( أي إنما يحملكم على مواجهة الكريم ومقابلته بالمعاصي تكذيب قلوبكم بالمعاد والجزاء والحساب. وقوله تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ( يعني وإن عليكم لملائكة حفظة كرامًا، فلا تقابلوهم بالقبائح؛ فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم. (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ( يخبر تعالى عمَّا يصير الأبرار إليه من النعيم وهو الذين أطاعوا الله عز وجل ولم يقابلوه بالمعاصي. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ( قال: «إنما سماهم الله الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء». ثم ذكر ما يصير إليه الفجَّار من الجحيم والعذاب المقيم، ولهذا قال: (يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ( أي يوم الحساب والجزاء والقيامة (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ( أي لا يغيبون عن العذاب ساعة واحدة، ولا يخفَّف عنهم من عذابها، ولا يُجابون إلى ما يسألون من الموت أو الراحة ولو يومًا واحدًا. قوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ( تعظيم لشأن يوم القيامة، ثم أكَّده بقوله تعالى: (ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ(، ثم فسَّره بقوله: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا( أي لا يقدر أحد على نفع أحد ولا خلاصه مما هو فيه، إلاَّ أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى. ونذكر ها هنا حديث: «يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار؛ لا أملك لكم من الله شيئًا». ولهذا قال: (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ( كقوله: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ( وكقوله: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ( وكقوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( قال قتادة: والأمر والله اليوم لله ولكن لا ينازعه فيه يومئذ أحد. ( ( ( ?أسماء يوم القيامة «ا» 1- يوم الأذان: دخل طاوس على هشام بن عبد الملك فقال له: اتق الله، احذر يوم الأذان، فقال: وما يوم الأذان؟ قال: قوله تعالى (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ( [الأعراف: 44] فصعق هشام، فقال له طاوس: هذا ذلُّ الصفة، فكيف ذل المعاينة؟! * * * 2- يوم الآزفة: تقول العرب: أزف كذا أي قرب، قال الشاعر: أَزِفَ الترَحُّلُ غَيرَ أنَّ ركَابَنا
 لَمَّا تَزل بِرحالِنَا وَكَأنَّ قَد
 وهي قريبة جدًّا، وكلُّ آتٍ قريب وإن بعد مداه، قال تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا( [الأحزاب: 63].. وما يستبعد الرجل من الساعة ومدَّته ساعة؟! ( ( ( «ب» 3- يوم البعث: و«البعث» لغة: إثارة الشيء عن خفاء وتحريكه عن سكون. قال عنترة: وَصَحابَةٍ شُمَّ الأُنوفِ بَعَثتُهُم
 لَيلاً وَقَد مالَ الكَرى بِطُلاها
 وقال امرؤ القيس: وَفِتيانِ صِدقٍ قَد بَعَثتُ بِسُحرَةٍ
 فَقاموا جَميعاً بَينَ عاثٍ وَنَشوانِ
 قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( [الأعراف: 57]. وخرج أبو داود الطيالسي والبيهقي وغيرهما عن أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله، كيف يعيد الله الخلق؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: «أما مررت بوادي قومك جدبًا ثم مررت به تهتزُّ خضرًا؟». قال: نعم. قال: «فتلك آية الله في خلقه». * * * ?4- يوم البعثرة: ومعناه تتبع الشيء المختلط مع غيره حتى يخلص منه، فيخلص الله تعالى الأجسام من التراب والكافرين من المؤمنين والمنافقين، ثم يخلص المؤمنين من المنافقين كما في الحديث الصحيح: «إن الله تعالى يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد» أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (. ( ( ( «ت» 5- يوم التبديل: قال الله تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ( [إبراهيم: 48] عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ( [الزمر: 67]. فأين يكون المؤمنون يومئذ؟ قال: «على الصراط يا عائشة». قال: هذا حديث حسن صحيح. هذا الحديث وغيره نصَّ في أنَّ الأرض والسماوات تُبدل وتُزَال، ويخلف الله أرضًا أخرى يكون عليها الناس بعد كونهم على الجسر وهو الصراط، لا كما قال كثير من الناس أنَّ تبدُّل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها وتسوية آكامها ونسف جبالها ومدّ أرضها. * * * 6- يوم التعطيل: قال الله تعالى: (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ( [التكوير: 4]، أي عطلها أهلها فلم تحلب من الشغل بأنفسهم. والعشار: الإبل الحوامل واحدها عشراء، وهي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع وبعد ما تضع، وإنما خصَّ العشار بالذكر لأنها أعزُّ ما يكون على العرب، فأخبر أنها تعطل يوم القيامة. ومعناه: إنهم إذا قاموا من قبورهم وشاهد بعضهم بعضًا، ورأوا الوحوش والدواب محشورة وفيها عشارهم التي كانت أنفس أموالهم لم يعبئوا بها ولم يهمهم أمرها. * * * 7- يوم التغابن: سُمي بذلك لأنَّ الناس يتغابنون في المنازل عند الله: فريقٌ في الجنة وفريق في السعير، وحقيقته في لسان العرب: ظهور الفضل في المعاملة لأحد المتعاملين، والدنيا والآخرة دار العملين، وهما حالَين، وكلُّ واحدٍ منهما لله، ولا يُعطى أحدهما إلا لمن تركه نصيبه من الأخرى. قال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ( [الإسراء: 18]. وقال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ( [الشورى: 20]. ومن أراد الآخرة فسعيه مشكور، وحظه في الآخرة موفور. * * * 8- يوم التقلُّب: وهو التحول .. قال الله تعالى: (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ( [النور: 37]، أي قلوب الكفار وأبصارهم.. فتقلُّب قلوب الكفار: انتزاعها من أماكنها، فلا هي ترجع إلى أماكنها ولا هي تخرج .. فأمَّا تقلُّب الأبصار فالزرقة بعد الكحل، والعمى بعد البصر. وقيل: تتقلَّب القلوب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك، والأبصار تنظر من أيَّة ناحية يُعطون كتبهم، وإلى أيَّة ناحية يؤخذ بهم. * * * 9- يوم التلاقِ: قال الله تعالى: (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ( [غافر: 15]. وهو عبارة عن اتصال المعنيين بسبب من أسباب العلم، وهو أربعة أنواع: الأول:- لقاء الأموات لمن سبقهم إلى الممات فيسألونهم عن أهل الدنيا. الثاني- عمله. الثالث- لقاء أهل السماوات لأهل الأرض في المحشر. الرابع- لقاء الخلق للباري سبحانه وتعالى، وذلك يكون في عرصات القيامة وفي الجنة. ( ( ( «ج» 10- يوم الجدال: قال الله تعالى: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا( [النحل: 111]، أي تخاصم وتحاج عن نفسها. وجاء في الخبر: «أنَّ كل أحد يقول يوم القيامة: نفسي نفسي من شدَّة أهوال يوم القيامة سوى محمد (؛ فإنه يسأل في أمته». وفي حديث عمر ( أنه قال لكعب الأحبار: يا كعب، خوفنا هيَّجنا، حدِّثنا نبِّهنا، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبيًا لأتت عليك تارات ولا يهمك إلا نفسك، وإنَّ لجهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي منتخب إلا وقع جاثيًا على ركبتيه، حتى أنَّ إبراهيم الخليل ليدلي بالخلة فيقول: رب أنا خليلك إبراهيم لا أسألك اليوم إلاَّ نفسي. قال يا كعب: أين نجد ذلك في كتاب الله تعالى؟ قال: قوله تعالى (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ( [النحل: 111]. * * * 11- يوم الجزاء: قال الله تعالى: (الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( [التحريم: 7]. وقال تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ( [غافر: 17]. وقال الله تعالى في المعنيين: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ( [التوبة: 82]. وقال تعالى: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ( [السجدة: 17]. وقال تعالى في جهة الوعيد كذلك: (كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ( [فاطر: 36]. * * * 12- يوم الجمع: وحقيقته في العربية ضمُّ واحد إلى واحد، فيكون شفعًا، أو زَوجًا إلى زوج فيكون جمعًا .. قال الله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ( [التغابن: 9]. وقال تعالى: (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ( [النساء: 87]. وهو في القرآن كثير. ( ( ( «ح» 13- يوم الحاقة: قال الله تعالى: (الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ( [الحاقة: 1-3]. وسُمِّيت بذلك لأنَّ الأمور تحق فيها.. وقيل: سُمِّيت «حاقة» لأنها كانت من غير شك. وقيل: سُمِّيت بذلك لأنها أُحِقَّت لأقوام النار. * * * 14- يوم الحساب: ومعناه أنَّ الباري سبحانه يَعُدُّ على الخلق أعمالهم من إحسانٍ وإساءةٍ ويعدُّ عليهم نعمه، ثم يُقابل البعض بالبعض، وينظر أيهما يرجح فيكون مصير العبد إلى جنة أو إلى نار إلا إن شاء أن يغفر له. وجاء عن النبي ( أنه قال: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان»، فقيل: إنَّ الله يحاسب المكلَّفين بنفسه، ويخاطبهم معًا ولا يحاسبهم واحدًا بعد واحد، والمحاسبة حُكم، فلذلك تُضاف إليه كما يُضاف الحكم إليه، قال الله تعالى: (أَلَا لَهُ الْحُكْمُ( [الأنعام: 62] .. وقال: (وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ( [يوسف: 80]. * * * 15- يوم الحسرة: قال تعالى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ( [مريم: 39]. وذلك عند ذبح الموت، وهم في غفلة، يعني الآن عن ذلك اليوم. والحسرة: عبارة عن استكشاف المكروه بعد خفائه. * * * 16- يوم الحُكم: قال الله تعالى: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ( [الحج: 56]. قال الله تعالى: (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ( [الممتحنة: 10]. 17- يوم الحشر: وهو عبارة عن الجمع، وقد يكون مع الفعل إكراه، قال الله تعالى: (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ( [الشعراء: 53]، أي من يسوق السحرة كرهًا. وقال الله تعالى: (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا( [الكهف: 47]. وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله (: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقى ليس فيه علم لأحد» رواه مسلم. وعن عبد الله بن مسعود ( قال: «يُحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط، وأظمأ ما كانوا قط، وأعرى ما كانوا قط، وأنصب ما كانوا، فمن أطعم لله أطعمه، ومن سقا لله سقاه، ومن كسا لله كساه، ومن عمل لله كفاه، ومن نصر الله أراحه الله في ذلك اليوم». ( ( ( «خ» 18- يوم الخافضة الرافعة: أي ترفع قومًا في الجنة وتُخفض آخرين في النار، والخفض والرفع يُستعملان عند العرب في المكان والمكانة والعزِّ والإهانة. ونسب الخفض والرفع للقيامة توسُّعًا ومجازًا على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحلِّ والزمان، وغيرهما مما لم يمكن منه الفعل، يقولون: ليل قائم، ونهار صائم، وفي التنزيل: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ( [سبأ: 33]. والخافض والرافع على الحقيقة إنما هو الله تعالى وحده، فرفع أولياءه في أعلى الدرجات، وجعل أعداءه في أسفل الدركات، قال الله تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا( [مريم: 85، 86]. * * * 19- يوم الخروج: قال الله تعالى: (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا( [المعارج: 43]. فأوله الخروج من القبور، وآخره خروج المؤمنين من النار ثم لا خروج ولا دخول. ( ( ( «د» 20- يوم الدعاء: وهو النداء أيضًا، والنداء على ثمانية وجوه فيما ذكر ابن العربي: الأول: نداء أهل الجنة أهل النار بالتقريع. الثاني: نداء أهل النار لأهل الجنة بالاستغاثة كما أخبر الله عنهم. الثالث: يُدعى كلُّ أناسٍ بإمامهم وهو قوله: «لتتبع كلّ أمَّة ما كانت تعبد». الرابع: نداء الملك: «ألا إنَّ فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، وإن فلان بن فلان قد شقى شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا». الخامس: النداء عند ذبح الموت «يا أهل الجنة، خلودٌ بلا موت، ويا أهل النار، خلودٌ بلا موت». السادس: نداء أهل النار: «يا حسرتنا» و«يا وليتنا». السابع: قول الأشهاد: (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ( [هود: 18]. الثامن: نداء الله تعالى أهل الجنة فيقول: «يا أهل الجنة، هل رضيتم؟»، فيقولون: «وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدًا من خلقك»،. فيقول: «أعطيتكم أفضل من ذلك؛ رضائي». * * * 21- يوم الدين: قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ( [المعارج: 26]. وهو في لسان العرب «الجزاء» .. قال الشاعر: حَصادُكَ يَومًا مَا زَرعتَ وإنَّما
 يُدانُ الفتَى فِيه كمَا هُو دَائنُ
 وَاعلم يَقينًا أنَّ مُلكَكَ زَائلٌ
 وَاعلَم بأنَّك كما تَدينُ تُدَانُ
 ( ( ( «ر، ز» 22- يوم الزلزلة ويوم الرجفة: قال الله تعالى: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ( [النازعات: 6، 7]. ( ( ( «س» 23- يوم التسيير: قال الله تعالى: (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا( [الطور: 10]. وقال تعالى: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( [التكوير: 3]. أي تُحوَّل عن منـزلة الحجارة فتكون كثيبًا مهيلاً، أي رملاً سائلاً، وتكون كالعهن، وتكون سرابًا مثل السراب الذي ليس بشيء. * * * 24- يوم التسجير: قال الله تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ( [التكوير: 6] .. أي أوقدت وصارت نارًا. قاله الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما. * * * 25- الساعة: قال الله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ( [الروم: 55]. وقال تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ( [الروم: 12]. وقال تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ( [الروم: 14]. وقال تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ( [غافر: 46]. وإما تكون سُميت بها تنبيهًا على ما فيها من الكائنات العظام التي تصهر الجلود وتكسر العظام. وقيل: إنما سُميت بـ«الساعة» لأنها تأتي بغتة في ساعة. * * * 26- يوم السؤال: والباري سبحانه وتعالى يسأل الخلق في الدنيا والآخرة تقريرًا لإقامة الحجة وإظهار للحكمة.. قال الله تعالى: (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ( [البقرة: 211]. وقال تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ( [الأعراف: 163]. وقال تعالى: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا( [الزخرف: 45]. وهو في القرآن الكريم كثير، قال تعالى: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ( [الأحزاب: 8]. وقال تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ( [التكوير: 8]. وقال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ( [الحجر: 92، 93]. قيل: عن «لا إله إلا الله». وقال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا( [الإسراء: 36]. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع». ( ( ( «ش» 27- يوم الشخوص والقنوع: قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ( [إبراهيم: 42]. أي: لا تغمض فيه من هول ما ترى في ذلك اليوم، قاله الفراء. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: تشخص أبصار الخلائق يومئذ إلى الهواء لشدة الحيرة فلا يغتمضون. (مُهْطِعِينَ( [إبراهيم: 43] أي مديمي النظر. قال مجاهد والضحاك: (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ( [إبراهيم: 43] أي رافعي رءوسهم، وإقناع الرأس رفعه. وقال الحسن: وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. فإن قيل: فقد قال الله تعالى في غير هذه الآية: (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ( [القلم: 43]، وقال تعالى: (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ( [القمر: 7]، فكيف يكون الرافع رأسه الناظر نظرًا طويلاً حتى إن طرفه لا يرتد إليه خاشع البصر؟ فالجواب أنهم يخرجون حال المضي إلى الموقف خاشعة أبصارهم، وفي هذه الحال، وصفهم الله تعالى بخشوع الأبصار، وإذا توافوا، وضمهم الموقف، وطال القيام عليهم، فإنهم يصيرون من الحيرة كأنهم لا قلوب لهم، ويرفعون رءوسهم فينظرون النظر الطويل، ولا يرتدًّ إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغموض أو جهلوه فهو تعسير عليهم. * * * 28- يوم الشفاعة: قال الله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ( [البقرة: 255]. وقال تعالى: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى( [الأنبياء: 28]. وقال تعالى: وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ( [سبأ: 23]. وقال تعالى: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ( [الشعراء: 100]. قال القاضي عياض رحمه الله: شفاعات نبينا ( يوم القيامة خمس شفاعات: الأولى: العامة. الثانية: إدخال قوم الجنة بغير حساب. الثالثة: في قوم من أمته استوجبوا النار بذنوبهم فيشفعه فيهم نبينا ( ومن شاء أن يشفع ويدخلون الجنة. وهذه الشفاعة هي التي أنكرتها المبتدعة الخوارج والمعتزلة لأصولهم الفاسدة، وهي الاستحقاق العقلي المبني على التحسين والتقبيح. الرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين فيخرج بشفاعة نبينا وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم من المؤمنين. الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وترفيعها. قلت: وشفاعة سادسة لعمِّه أبي طالب في التخفيف عنه، كما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري ( أن رسول الله ( ذكر عنده عمّه أبو طالب فقال: «لعلَّه تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه».. فإن قيل: فقد قال الله تعالى (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ( [المدثر: 48]. قيل له: لا تنفع في الخروج من النار كعصاة الموحدين الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة. * * * 29- يوم الانشقاق: قال الله تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ( [الانشقاق: 1]. وقال تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ( [الانفطار: 1]. وقال تعالى: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ( [الفرقان: 25]. فتراها واهية منفطرة متشققة، كقوله تعالى: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا( [النبأ: 19]. وفي قوله أيضًا (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ( قيل إنَّ الغمام يكون سترة بين السماء والأرض .. وقيل إنَّ حرف «الباء» بمعنى «عن» أي تشقَّق عن سحاب أبيض. ويقال: انشقاقها لِما يخلص إليها من حرِّ جهنم، وذلك إذا بطلت المياه وبرزت النيران، فأول ذلك أنها تصير حمراء صافية كالدهن وتتشقَّق لِما يريد الله من نقض هذا العالم ورفعه. وقد قيل: إنَّ السماء تتلوَّن فتصفرُّ ثم إذا اشتدَّ الحر مالت إلى الحمرة ثم إلى الغبرة .. قاله الحليمي. ( ( ( «ص» 30- يوم الصاخة: قال الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ( [عبس: 33]. قال عكرمة: «الصاخة» النفخة الأولى، و«الطامة» النفخة الثانية. قال الطبري: أحسبه من «صخَّ فلان» إذا أصمَّه. قال ابن العربي: «الصاخة» التي تورث الصمم وإنها «المُسمِعَة»، وهذا من بديع الفصاحة، حتى لقد قال بعض الصغار: أصمَّ بك الناعي وإن كنت أسمعا.. * * * 31- يوم الصدر: قال الله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا( [الزلزلة: 6]. * * * 32- يوم الصدع: قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ( [الروم: 43]. ( ( ( «ط» 33- الطامة: معناها الغالبة من قولك: «طمَّ الشيء» إذا علا وغلب، ولَمَّا كانت تغلب كلَّ شيءٍ كان لها هذا الاسم حقيقةً دون كلِّ شيء. قال الحسن: الطامة النفخة الثانية .. وقيل: حين يُساق أهل النار إلى النار. * * * 34- يوم الطي: قال الله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ( [الأنبياء: 104]. ( ( ( «ع» 35- يوم العرض: قال الله تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ( [الحاقة: 18]. وقال تعالى: (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا( [الكهف: 48]. وحقيقته إدراك الشيء بإحدى الحواس ليعلم حاله وغايته السمع والبصر، فلا يزال الخلق قيامًا في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ما شاء الله أن يقوموا حتى يُلهموا أو يهتموا، فيقولون: قد كنا نستشفع في الدنيا فهلمَّ نسأل الشفاعة إلى ربّ، فيقولون: ائتوا آدم .. الحديث. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ( يقول: «من نُوقش الحساب عُذب» قلت: يا رسول الله، أليس الله يقول (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا( [الانشقاق: 8]، قال: «ليس ذلك الحساب، ذلك العرض». * * * 36- يوم العَرَق: عن المقداد بن الأسود ( قال: سمعت النبي ( يقول: «تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل» رواه مسلم. قال سليم بن عبد الله: فوالله ما أدري ما يعني بالميل، أمسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين! قال: «فيكون الناس على قدر أعمالهم من العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجامًا». قال: وأشار رسول الله ( بيده إلى فيه. وأخرجه الترمذي، وزاد قوله: «تكحل به العين فتصهرهم الشمس». ( ( ( «غ» 37- يوم الغاشية: قال تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ( [الغاشية: 1]. وسُميت بذلك لأنها تغشى الناس بإفزاعها، أي تعمهم بذلك، ومنه غاشية السرج. ( ( ( «ف» 38- يوم الفتنة: قال الله تعالى: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ( [الذاريات: 13]. أي يُعذبون من قولك: «فتنت الذهب» إذا رميت به في النار. * * * 39- يوم التفجير: قال تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ( [الانفطار: 3]. * * * 40- يوم الفرار: قال الله تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ( [عبس: 34-36]. فيفر كل واحد من صاحبه حذرًا من مطالبته إياه، إما لما بينهم من التبعات أو لئلا يروا ما هم فيه من الشدة. قال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم (، وأول من يفر من ابنه نوح (، وأول من يفر من امرأته لوط (. * * * ?41- يوم الفصل: قال الله تعالى: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا( [النبأ: 17]. وقال تعالى: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ( [الممتحنة: 3]. و«الفصل» هو الفرق والقطع، فيفصل يومئذ بين المؤمن والكافر والمسيء والمحسن. * * * 42- يوم الفزع: قال الله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ( [سبأ: 51]. وقال تعالى: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ( [الأنبياء: 103]. وقال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ( [النمل: 89]. وحقيقته: ضعف النفس عن حمل المعاني الطارئة عليها خلاف العادة، فإن استمر كان جبنًا، وعند ذلك تتشوق النفس إلى ما يقويها فلأجل ذلك قالوا: فزعت من كذا: أي ضعفت عن حمله عن جريانه على خلاف العادة، وفزعت إلى كذا أي تشوقت نفسي عند ذلك إلى ما يقويها على ما نزل بها، والآخرة كلها خلاف العادة وهي فزع كلها، وفي التنزيل: لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ [الأنبياء: 103]، وقد اختلف فيه فقيل: هو قوله: لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ [الفرقان: 22]. وقيل: إذا طبقت النار على أهلها، وذبح الموت بين الجنة والنار. وقال الحسن: هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار وعنه أن الفزع الأكبر: النفخة الآخرة، وتتلقاهم الملائكة بالبشارة حتى يخرجوا من قبورهم. * * * 43- يوم الانفطار: قال الله تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ [الانفطار: 1] وانظر يوم الانشقاق. ( ( ( «ق» 44- يوم القارعة: قال الله تعالى: (الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ( [القارعة: 1-3]. سُمِّيت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها .. يقال: قد أصابتهم قوارع الدهر: أي أهواله وشدائده. قالت الخنساء: تعرفني الدهر نهشًا وحزًا
 وأوجعني الدهر قرعًا وغمزًا
 أرادت أنَّ الدهر أوجعها بكبريات نوائبه وصغرياتها. * * * 45- يوم القصاص: عن أبي هريرة ( أن رسول الله ( قال: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» [رواه مسلم]. وعن أبي هريرة ( أن رسول الله ( قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فيحمل عليه» [رواه البخاري]. 46- يوم القضاء: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» [أخرجه البخاري]. 47- يوم القلق والجولان: وهو عبارة عن عدم الاستقرار والثبوت. يقال: الرجل يقلق قلقًا إذا لم يستقر ومثله جال يجول إذا لم يثبت. ( ( ( «ك» 48- يوم الانكدار: قال الله تعالى: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ( [التكوير: 2]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: انكدرت تغيَّرت، وأصل الانكدار الانصباب، فتسقط في البحار فتصير معها نيرانًا إذا ذهبت المياه. * * * 49- يوم الكشط: قيل: معناه طُويت، كما قال الله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ( [الأنبياء: 104]، أي كطيِّ الصحيفة على ما فيها، فاللام بمعنى «على». يقال: كُشِطت سواء وهو القلع .. وقيل: السِّجل كاتب النبي (. * * * 50- يوم التكوير: قال الله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ( [التكوير: 1]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكويرها إدخالها في العرش. وقيل: ذهاب ضوئها .. قاله الحسن وقتادة، وروى ذلك عن ابن عباس ومجاهد. وقال أبو عبيدة: كوِّرت مثل تكوير العمامة، تُلف فتُمحَى. وقال الربيع بن خيثم: كوِّرت: رُمي بها، ومنه «كوَّرته فتكوَّر» أي سقط. ( ( ( «م» 51- يوم المآب: قال الله تعالى: (ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ( [آل عمران: 14]. وقال تعالى: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ( [ص: 55]. ومعناه: الرجوع إلى الله تعالى، ولم يذهب عن الله شيء فيرجع إليه، وإنما حقيقته أنَّ العبد يخلق الله فيه ما شاء من أفعاله لَمَّا خلق فيه علمًا وخلق فيه إيثارًا واختيارًا ظن الناس أنَّ له فعلاً، فإذا أماته وسلب ما كان أعطاه أذعن وآب في وقت لا ينفعه الإياب ولم يزل عن الله تعالى في حال فهو الأوَّاب. * * * 52- يوم المد: قال الله تعالى: (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ( [الانشقاق: 3]. * * * 53- يوم المصير: وهو يوم المآب لعينه، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ( [النور: 42]. فالخلق سائرون إلى أمر الله تعالى، وآخر ذلك دار القرار وهي الجنة أو النار. قال الله تعالى في حقِّ الكافرين: (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ( [إبراهيم: 30]. ( ( ( «ن» 54- يوم الناقور: كقوله تعالى: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ( [المدثر: 8]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: الصُور، و«الصور» قرن من نور يجعل فيه الأرواح يقال: إنَّ فيه من الثقب على عدد أرواح الخلائق. * * * 55- يوم الانتثار: قال الله تعالى: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ( [الانفطار: 2]. قيل: تتناثر من أيدي الملائكة لأنهم يموتون. * * * 56- يوم الندامة: وذلك أنَّ المحسن إذا رأى جزاء إحسانه والكافر جزاء كفره ندم المحسن ألاَّ يكون مستكثرًا، وندم المسيء ألاَّ يكون استعتب، فإذا صار الكافر إلى عذاب لا نفاد له تحسَّر. * * * 57- يوم النشور: وهو عبارة عن «الإحياء»، يقال: «قد أنشر الله الموتى فنشروا» أي أحياهم الله فحيوا، ومنه قوله تعالى: (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا( [البقرة: 259]. أي نُحييها، وقد يكون معناه التفريق، من ذلك قولهم: «أمر نشر». * * * 58- يوم النفخة: قال الله عز وجل: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ( [الأنعام: 73]. وقال تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ( [المؤمنون: 101]. وقال تعالى: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ( [الزمر: 68]. وقال تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا( [النبأ: 18]. عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (: «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ». فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول الله ( فقال لهم: «قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل» حديث حسن. 59- يوم الواقعة: وأصل وقع في كلام العرب كان ووجد، وجاءت الشريعة في تأكيد ذلك بثبوت ما وجد. وقال الله تعالى: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ [النمل: 82]. والمراد بالقول هنا إخبار الباري عن الساعة وأنها قريبة ومن أعظم علاماتها الدابة. 60- يوم الوزن: قال الله تعالى: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ( [الأعراف: 8]. وقال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا( [الأنبياء: 47]. وقال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ( [القارعة: 6-9]. قال العلماء: وإذا انقضى الحساب كان وزن الأعمال؛ لأنَّ الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة؛ فإنَّ المحاسبة بتقدير الأعمال والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها. * * * ?61- يوم الوعيد: قال تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ( [ق: 20]. وهو أنَّ الباري سبحانه أمر ونهى ووعد وأوعد، فهو أيضًا يوم الوعد، والوعد للنعيم، والوعيد للعذاب الأليم. وحقيقة الوعيد هو الخبر عن العقوبة عند المخالفة، والوعد الخبر عن المثوبة عند الموافقة. * * * 62- يوم الوفاء: قال الله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ( [النور: 25]. أي حسابهم وجزاؤهم، والجنة جزاء الحسنات، والنار جزاء السيئات. ( ( ( ?أوصاف يوم القيامة 1-يوم مشهود: سمُّي بذلك لأنه يشهده كلَّ مخلوق، وقيل: سُمِّي بذلك لأنَّ الشهداء يشهدون فيه، قال الله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ( [يس: 65]. وعن أنس بن مالك ( قال: كنا عند رسول الله ( فضحك فقال: «هل تدرون لم أضحك؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ يقول: بلى، فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني. قال: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي بأعماله، قال: ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بعدًا لكن وسُحقًا؛ فعنكنَّ كنت أناضل». * * * 2- يوم عبوس قمطرير: قال الله تعالى: (إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا( [الإنسان: 10]. والعبوس: الذي يُعبس فيه؛ سُمِّي باسم ما يكون فيه، كما يقال: ليل قائم ونهار صائم، قيل: إذا كانت شمس اليوم مدجية قد غطاها السحاب قيل: «يوم عبوس». وأول العبوس والكلوح عند الخروج من القبر ورؤية الأعمال في الصور القبيحة، وآخر ذلك كلوح النار، وهو الكلوح الأعظم يشوي الوجوه ويُسقط الجلود، ومع العبوس تشخص الأبصار، وهو ثبوتها على منظر واحد طول لا ينتقل منه إلى غيره كما قال سبحانه: (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ( [إبراهيم: 42]. * * * 3- يوم عسير: قال تعالى: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا( [الفرقان: 26]، وهذا في حقِّ الكافرين خاصة. والعسر ضد اليسر، فهو عسير على الكافرين؛ لأنهم لا يرون فيها أملاً، ولا يقطعون فيه رجاء، حتى إذا خرج المؤمنون من النار طلبوا مثل ذلك، فيقال لهم: (اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ( [المؤمنون: 108]. فحينئذ يكون المنع الصريح، وأمَّا المؤمنون فتنحل عقدهم بيسر إلى يسر، فينحل طول الوقوف إلى تعجيل الحساب، وتثقيل الموازين، وجواز الصراط والظلال والأعمال، ولا تنحل للكافرين من هذه العقد عقدة واحدة إلى أشدّ منها حتى إلى جهنم دار القرار. * * * 4- يوم عقيم: قال الله تعالى: (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ( [الحج: 55]. وهو في اللغة: عبارة عن من لا يكون له ولد .. ولَمَّا كان الولد يكون بين الأبوين، وكانت الأيام تتوالى قبل وبعد، جعل الاتباع فيها بالبُعدية كهيئة الولادة .. ولَما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وُصف بـ«العقيم». * * * 5- يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ: ومعناه إخراج المخبآت بالاختبار بوزن الأعمال في الصحف، ويُكشف الساق عند السجود. * * * 6- يَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ: وإن وقع ريب الكفار أي شك فيه ريب لقيام الأدلة الظاهرة عليه كما قال الله تعالى: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ( [إبراهيم: 10]. * * * 7- يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله ( في قوله: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ( [آل عمران: 106] قال: «يعني تبيضُّ وجوه أهل السنة، وتسوَدُّ وجوه أهل البدعة». أخرجه أبو داود وأحمد بن علي بن ثابت الخطيب بسنده. * * * 8- يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ: [الروم: 43]. يريد يوم القيامة: أي لا يردّه أحد بعد ما حكم الله به وجعل له أجلاً ووقتًا. * * * 9- يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ: [غافر: 52]. هذا إن أُذِنَ لهم بأن يتمكَّنوا منها لا بأن يقال لهم : اعتذروا كقوله: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا( [الأحزاب: 67]. وكقوله: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا( [المؤمنون: 107]. * * * 10- هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ: [المرسلات: 35، 36]. وذلك حين يقال لهم: (اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ( [المؤمنون: 108]، وتطبق عليهم جهنم. قال الله تعالى: (يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ( [إبراهيم: 31]. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ( [البقرة: 254]. 12- (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا( [الانفطار: 19]. وهو مثل قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ( [البقرة: 48]. وقال تعالى: (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا( [الدخان: 41]. فكلُّ نفسٍ بما كسبت رهينة، لا يُغني أحدٌ عن أحدٍ شيئًا، بل ينفصل كلُّ واحدٍ عن أخيه وأبيه، ولذلك كان يوم الفصل والفرار. ( ( ( ?يوم القيامة مَثِّل لنَفسِكَ أيهَا المغرُور
 يَومَ القيَامَةِ وَالسَّماءُ تَمُور
 إذ كُوِّرتْ شَمسُ النَّهار وأُدنِيَت
 حتَّى على رَأس العِبادِ تَسِير
 وإذا النُّجُومُ تسَاقطَت وتنَاثَرَت
 وتَبدَّلَت بعد الضِّياء كدُور
 وإذا البحَار تَفجَّرتْ مِن خَوفِهَا
 وَرَأيتَهَا مِثلَ الجَحِيمِ تَفُور
 وَإذَا الجبَالُ تَقَلَّعَتْ بأُصُولِهَا
 فرَأيتَهَا مِثلَ السَّحَابِ تَسِير
 وَإذَا العِشَارُ تعَطَّلَت وتَخرَّبَت
 خَلَت الدِّيارُ فَمَا بِهَا مَعمُور
 وَإذَا الوُحُوشُ لَدَى القيَامَةِ أُحشِرَت
 وَتقُولُ لِلأملاكِ أَينَ نَسِير
 وَإذَا تُقَاةُ المُسلِمِينَ تَزوَّجَت
 مِن حُورِ عِينٍ زَانَهُنَّ شُعُور
 وَإذَا المَوءُودَةِ سُئِلَت عَن شَأنِهَا
 وَبِأيِّ ذَنبٍ قَتلُهَا مَيسُور
 وَإذَا الجَلِيلُ طَوَى السَّماءَ بِيَمِينِهِ
 طَيَّ السِّجِلُّ كِتَابَهُ المَنشُور
 وَإذَا الصَّحَائِفُ عِندَ ذَاكَ تَسَاقَطَت
 تٌبدِي لَنَا يَوم القِصَاصِ أمُور
 وَإذَا الصَّحائفُ نُشرَت فتَطَايَرَت
 وَتَهتَّكَت لِلمُؤمنِين سُتُور
 وَإذَا السَّماءُ تَكَشَّطَت عَن أَهلِهَا
 وَرَأَيتَ أَفْلاكَ السَّمَاءِ تَدُور
 وَإذَا الجَحِيمُ تَسَعَّرَت نِيرَانُهَا
 فَلَهَا عَلى أَهلِ الذُّنوبِ زَفِير
 وَإذَا الجِنَانُ تَزَخرَفَتْ وَتَطيَّبَت
 لِفَتًى عَلى طُولِ البَلاءِ صَبُور
 وَإذا الجَنِينُ بِأمِّهِ مُتَعَلِّقٌ
 يَخشَى القِصَاصَ وقَلبُهُ مَذعُور
 هَذَا بِلا ذَنبٍ يَخَافُ جِنايَةً
 كَيفَ المُصِرُّ عَلى الذُّنُوبِ دُهُور؟!
 ( ( ( الفهرس المقدمة 5 سورة التكوير 7 سورة الانشقاق 12 سورة الانفطار 16 أسماء يوم القيامة 20 يوم القيامة 56 الفهرس 57 ========================== قال ابن الجوزي رحمه الله : إن لم تجدوني في الجنة بينكم فاسألوا عني فقولوا : يا ربنا عبدك فلان كان يذكرنا بك !!! ثم بكى رحمه الله رحمة واسعة .. وأنا أسألكم بالله إن لم تجدوني بينكم فاسألوا عني لعلي ذكرتكم بالله ولو لمرة واحدة.. واخيرا اسئلكم الدعاء وجزاكم الله خيرالحسن استماعكم ولمزيدمن الدروس والاناشيدوالاسئله يرجي زيارة موقع http://al7rajwe22.hexat.com http://txtislamy.hexat.com